تفسير سورة القلم

> ومن السورة التى يذكر فيها ن وهى كلها مكية آياتها اثنتان وخمسون آية وكلماتها ثلاثمائة وحروفها ألف ومائتان وستة وخمسون <
> { بسم الله الرحمن الرحيم }
< < القلم : ( 1 ) ن والقلم وما . . . . . > > وبإسناده عن ابن عباس فى قوله تعالى { ن } يقول أقسم الله بالنون وهى السمكة التى تحمل الأرضين على ظهرها وهى فى الماء وتحتها الثور وتحت الثور الصخرة وتحت الصخرة الثرى ولا يعلم ما تحت الثرى إلا الله واسم السمكة ليواش ويقال لويهاء واسم الثور بهموت وقال بعضهم تلهوت ويقال ليوتا وذلك الحوت فى بحر يقال له عضواص وهو كالثور الصغير فى البحر العظيم وذلك البحر فى صخرة جوفاء وفى تلك الصخرة أربعة آلاف خرق منها خرق يخرج المياه إلى الأرض ويقال هو اسم من أسماء الرب وهو نون الرحمن ويقال النون هو الدواة { والقلم } أقسم الله بالقلم وهو قلم من نور طوله ما بين السماء إلى الأرض وهو الذى كتب به الذكر الحكيم يعنى اللوح المحفوظ ويقال القلم هو ملك من الملائكة أقسم الله به { وما يسطرون } وأقسم الله بما تكتب الملائكة من أعمال بنى آدم < < القلم : ( 2 ) ما أنت بنعمة . . . . . > > { ما أنت } يا محمد { بنعمة ربك } بالنبوة والإسلام { بمجنون } يختنق ولهذا كان القسم < < القلم : ( 3 ) وإن لك لأجرا . . . . . > > { وإن لك } يا محمد { لأجرا } ثوابا فى الجنة بالنبوة والإسلام { غير ممنون } غير منقوص ولا مكدر ولا يمن عليك بذلك < < القلم : ( 4 ) وإنك لعلى خلق . . . . . > > { وإنك } يا محمد { لعلى خلق عظيم } على دين كريم شريف على الله ويقال على منة عظيمة وهى الأخلاق الحسنة التى أكرمه الله بها إن قرأت بضم الخاء واللام < < القلم : ( 5 ) فستبصر ويبصرون > > { فستبصر ويبصرون } فسترى وتعلم ويرون ويعلمون عند نزول العذاب بهم < < القلم : ( 6 ) بأيكم المفتون > > { بأيكم المفتون } المجنون < < القلم : ( 7 ) إن ربك هو . . . . . > > { إن ربك } يا محمد
{ هو أعلم بمن ضل عن سبيله } عن دينه وهو أبو جهل وأصحابه { وهو أعلم بالمهتدين } لدينه وهو أبو بكر وأصحابه

< < القلم : ( 8 ) فلا تطع المكذبين > > { فلا تطع } يا محمد { المكذبين } بالله والكتاب والرسول يعنى رؤساء أهل مكة < < القلم : ( 9 ) ودوا لو تدهن . . . . . > > { ودوا } تمنوا { لو تدهن فيدهنون } تلين لهم فيلينون لك ويقال تطابقهم فيطابقونك وتصانعهم فيصانعونك < < القلم : ( 10 ) ولا تطع كل . . . . . > > { ولا تطع } يا محمد { كل حلاف } كذاب على الله { مهين } ضعيف فى دين الله هو الوليد بن المغيرة المخزومى < < القلم : ( 11 ) هماز مشاء بنميم > > { هماز } طعان لعان مغتاب للناس مقبلين ومدبرين { مشاء بنميم } يمشى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم < < القلم : ( 12 ) مناع للخير معتد . . . . . > > { مناع للخير } للاسلام بينه وبين نبيه وبين أخيه وقرابته { معتد } يا محمد للحق غشوم ظلوم عليهم { أثيم } فاجر < < القلم : ( 13 ) عتل بعد ذلك . . . . . > > { عتل } شديد الخصومة بالباطل والكذب ويقال عتل أكول وشروب صحيح الجسم رحيب البطن { بعد ذلك } مع ذلك { زنيم } ملصق بالقوم ليس منهم ويقال معروف فى الكفر والشرك والفجور والفسوق والشر ويقال له زنمة كزنمة العنز < < القلم : ( 14 ) أن كان ذا . . . . . > > { أن كان ذا مال وبنين } يقول لا تطعه وإن كان ذا مال وبنين وكان ماله نحو تسعة آلاف مثقال من فضة وبنوة عشرة < < القلم : ( 15 ) إذا تتلى عليه . . . . . > > { إذا تتلى عليه } يقرأ عليه { آياتنا } القرآن بالأمر والنهى { قال أساطير الأولين } أحاديث الأولين فى دهرهم وكذبهم < < القلم : ( 16 ) سنسمه على الخرطوم > > { سنسمه على الخرطوم } سنضربه على الوجه ويقال على الأنف ويقال سيسود وجهه < < القلم : ( 17 ) إنا بلوناهم كما . . . . . > > { إنا بلوناهم } اختبرنا أهل مكة بالقتل والسبى والهزيمة يوم بدر بتركهم الاستغفار وبالجوع والقحط سبع سنين لدعوة النبى صلى الله عليه وسلم عليهم بعد يوم بدر { كما بلونا } اختبرنا بالجوع وحرق البساتين { أصحاب الجنة } أهل البساتين بنى ضروان { إذ أقسموا } حلفوا بالله { ليصرمنها } ليجدنها { مصبحين } عند طلوع الفجر < < القلم : ( 18 ) ولا يستثنون > > { ولا يستثنون } لم يقولوا إن شاء الله < < القلم : ( 19 ) فطاف عليها طائف . . . . . > > { فطاف عليها } على الجنة { طائف } عذاب { من ربك } بالليل { وهم نائمون > { < القلم : ( 20 ) فأصبحت كالصريم > > { فأصبحت } فصارت الجنة محترقة { كالصريم } كالليل المظلم < < القلم : ( 21 ) فتنادوا مصبحين > > { فتنادوا } فنادى بعضهم بعضا { مصبحين } عند طلوع الفجر < < القلم : ( 22 ) أن اغدوا على . . . . . > > { أن اغدوا على حرثكم } يعنى البساتين { إن كنتم صارمين } جاذين قبل علم المساكين < < القلم : ( 23 ) فانطلقوا وهم يتخافتون > > { فانطلقوا } إلى البساتين { وهم يتخافتون } يتسارون فيما بينهم كلاما خفيا < < القلم : ( 24 ) أن لا يدخلنها . . . . . > > { أن لا يدخلنها } يعنى الجنة { اليوم عليكم مسكين > { < القلم : ( 25 ) وغدوا على حرد . . . . . > > { وغدوا على حرد } على حقد ويقال إلى بستانهم { قادرين } على غلتها < < القلم : ( 26 ) فلما رأوها قالوا . . . . . > > { فلما رأوها } يعنى البساتين محترقة { قالوا إنا لضالون } الطريق ظنوا أنهم ضلوا الطريق ثم قالوا < < القلم : ( 27 ) بل نحن محرومون > > { بل نحن محرومون } حرمنا منفعة البستان لسوء نياتنا < < القلم : ( 28 ) قال أوسطهم ألم . . . . . > > { قال أوسطهم } فى السن ويقال أعدلهم فى القول ويقال أفضلهم فى العقل والرأى { ألم أقل لكم لولا تسبحون } هلا تستثنون وقد قال لهم ذلك عندما أقسموا < < القلم : ( 29 ) قالوا سبحان ربنا . . . . . > > { قالوا سبحان ربنا } نستغفر ربنا { إنا كنا ظالمين } ضارين لأنفسنا بمعصيتنا وتركنا الاستثناء ومنعنا المساكين < < القلم : ( 30 ) فأقبل بعضهم على . . . . . > > { فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون } يلوم بعضهم بعضا يقول واحد منهم أنت فعلت هذا يا فلان بنا ويقول الاخر أنت فعلت هذا بنا < < القلم : ( 31 ) قالوا يا ويلنا . . . . . > > { قالوا } بالجملة { يا ويلنا إنا كنا طاغين } عاصين بمنعنا المساكين < < القلم : ( 32 ) عسى ربنا أن . . . . . > > { عسى ربنا } وعسى من الله واجب { أن يبدلنا } أن يعوضنا ربنا فى الآخرة { خيرا منها } من هذه الجنة { إنا إلى ربنا راغبون } رغبتنا إلى الله < < القلم : ( 33 ) كذلك العذاب ولعذاب . . . . . > > { كذلك العذاب } فى الدنيا لمن منع حق الله من ماله كما كان لهم حرق البستان والجوع بعد ذلك ويقال كذلك العذاب هكذا عذاب الدنيا كما كان لأهل مكة بالقتل والجوع { ولعذاب الآخرة } لمن لا يتوب { أكبر } من عذاب الله فى الدنيا { لو كانوا يعلمون } أهل مكة ولكن لا يعلمون ذلك ولا يصدقون به < < القلم : ( 34 ) إن للمتقين عند . . . . . > > { إن للمتقين } الكفر والشرك والفواحش { عند ربهم } فى الآخرة { جنات النعيم } نعيمها دائم لا يفنى ويقال قال عتبة بن ربيعة لئن كان ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه من الجنة والنعيم حقا لنحن أفضل منهم فى الآخرة كما نحن أفضل منهم فى الدنيا فنزل

< < القلم : ( 35 ) أفنجعل المسلمين كالمجرمين > > { أفنجعل المسلمين } ثواب المسلمين فى الجنة { كالمجرمين } كثواب المشركين وهم أهل النار ويقال أفنجعل ثواب المشركين فى الآخرة كثواب المسلمين < < القلم : ( 36 ) ما لكم كيف . . . . . > > { ما لكم } يا أهل مكة { كيف تحكمون } بئس ما تقضون لأنفسكم < < القلم : ( 37 ) أم لكم كتاب . . . . . > > { أم لكم كتاب فيه تدرسون } تقرءون < < القلم : ( 38 ) إن لكم فيه . . . . . > > { إن لكم فيه } فى الكتاب { لما تخيرون } تشتهون فى الآخرة من الجنة < < القلم : ( 39 ) أم لكم أيمان . . . . . > > { أم لكم أيمان } عهود { علينا } بالأيمان { بالغة } وثيقة { إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون } تقضون لأنفسكم فى الآخرة من الجنة < < القلم : ( 40 ) سلهم أيهم بذلك . . . . . > > { سلهم } يا محمد { أيهم بذلك } بما يقولون { زعيم } كفيل < < القلم : ( 41 ) أم لهم شركاء . . . . . > > { أم لهم شركاء } آلهة { فليأتوا بشركائهم } بآلهتهم { إن كانوا صادقين } أن لهم ما قالوا وما يقولون < < القلم : ( 42 ) يوم يكشف عن . . . . . > > { يوم يكشف عن ساق } عن أمر كانوا فى عمى منه فى الدنيا ويقال عن أمر شديد فظيع ويقال عن علامة بينهم وبين ربهم { ويدعون إلى السجود } بعد ما قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ولا منافقين { فلا يستطيعون } السجود وبقيت صلابهم كالصياصى مثل حصون الحديد < < القلم : ( 43 ) خاشعة أبصارهم ترهقهم . . . . . > > { خاشعة أبصارهم } ذليلة أبصارهم لا يرون خيرا { ترهقهم ذلة } تعلوهم كآبة وكسوف وهو السواد على الوجوه { وقد كانوا يدعون } فى الدنيا { إلى السجود } إلى الخضوع لله بالتوحيد فلم يخضعوا لله بالتوحيد { وهم سالمون } أصحاء معافون < < القلم : ( 44 ) فذرني ومن يكذب . . . . . > > { فذرني } يا محمد { ومن يكذب بهذا الحديث } بهذا الكتاب { سنستدرجهم } سنأخذهم يعنى المستهزئين بالقرآن { من حيث لا يعلمون } لا يشعرون فأهلكهم الله فى يوم وليلة وكانوا خمسة نفر < < القلم : ( 45 ) وأملي لهم إن . . . . . > > { وأملي لهم } أمهلهم { إن كيدي متين } عذابى شديد < < القلم : ( 46 ) أم تسألهم أجرا . . . . . > > { أم تسألهم } تسأل أهل مكة { أجرا } جعلا ورزقا على الإيمان { فهم من مغرم } من الغرم { مثقلون } بالإجابة < < القلم : ( 47 ) أم عندهم الغيب . . . . . > > { أم عندهم الغيب } اللوح المحفوظ { فهم يكتبون } منه ما يخاصمونك به < < القلم : ( 48 ) فاصبر لحكم ربك . . . . . > > { فاصبر لحكم ربك } على تبليغ رسالة ربك ويقال ارض بقضاء ربك { ولا تكن } ضجورا ضيق القلب فى أمر الله { كصاحب الحوت } كضجر يونس بن متى { إذ نادى } دعا ربه فى بطن الحوت { وهو مكظوم } مجهود مغموم < < القلم : ( 49 ) لولا أن تداركه . . . . . > > { لولا أن تداركه نعمة من ربه } رحمة من ربه { لنبذ } لطرح { بالعراء } على الصحراء { وهو مذموم } ملوم مذنب < < القلم : ( 50 ) فاجتباه ربه فجعله . . . . . > > { فاجتباه ربه } فاصطفاه ربه بالتوبة { فجعله من الصالحين } من المرسلين < < القلم : ( 51 ) وإن يكاد الذين . . . . . > > { وإن يكاد الذين كفروا } كفار مكة { ليزلقونك } ليصرعونك { بأبصارهم } ويقال يعينونك بأعينهم { لما سمعوا الذكر } قراءتك القرآن { ويقولون } يعنى كفار مكة { أنه } يعنون محمدا { لمجنون } يختنق < < القلم : ( 52 ) وما هو إلا . . . . . > > { وما هو } يعنى القرآن { إلا ذكر } عظة { للعالمين } للجن والإنس <