> ومن السورة التي يذكر فيها الرعد وهي مكية غير آيتين قوله { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة } إلى آخرها وقوله { ويقول الذين كفروا } إلى { ومن عنده علم الكتاب } فإنهما مدنيتان آياتها خمس وأربعون وكلماتها ثمانمائة وخمس وخمسون وحروفها ثلاثة آلاف وخمسمائة وستة أحرف <
> <
> { بسم الله الرحمن الرحيم > {
>
< < الرعد : ( 1 ) المر تلك آيات . . . . . > > وبإسناده عن ابن عباس في قوله تعالى { المر } أنا الله أعلم وأرى ما تعملون وتقولون ويقال قسم أقسم به { تلك آيات الكتاب } إن هذه السورة آيات لقرآن { والذي أنزل إليك من ربك الحق } يقول القرآن هو الحق من ربك { ولكن أكثر الناس } أهل مكة { لا يؤمنون } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن < < الرعد : ( 2 ) الله الذي رفع . . . . . > > { الله الذي رفع السماوات } خلق السموات ورفعها على الأرض { بغير عمد ترونها } يقول ترونها بغير عمد ويقال بعمد لا ترونها { ثم استوى على العرش } كان الله على العرش قبل أن رفع السموات ويقال استقر ويقال امتلأ به ويقال استوى عنده القريب والبعيد على معنى العلم والقدرة { وسخر الشمس والقمر } ذلل ضوء الشمس والقمر لبني آدم { كل يجري لأجل مسمى } إلى وقت معلوم { يدبر الأمر } ينظر في أمر العباد ويبعث الملائكة بالوحي والتنزيل والمصيبة { يفصل الآيات } يبين القرآن بالأمر والنهي { لعلكم بلقاء ربكم توقنون } لكي تصدقوا بالبعث بعد الموت < < الرعد : ( 3 ) وهو الذي مد . . . . . > > { وهو الذي مد الأرض } بسط الأرض على الماء { وجعل فيها رواسي } خلق في الأرض الجبال الثوابت أوتادا لها { وأنهارا } أجرى فيها أنهارا { ومن كل الثمرات } من ألوان كل الثمرات { جعل فيها } خلق فيها { زوجين اثنين } الحامض والحلو زوج والأبيض والأحمر زوج { يغشي الليل النهار } يغطى الليل بالنهار والنهار بالليل يقول يذهب بالليل ويجيء بالنهار ويذهب بالنهار ويجيء بالليل { إن في ذلك } في اختلاف ما ذكرت { لآيات } لعلامات { لقوم يتفكرون } لكي يتفكروا فيه < < الرعد : ( 4 ) وفي الأرض قطع . . . . . > > { وفي الأرض قطع } أمكنة { متجاورات } ملتزقات أرض سبخة رديئة وبجنبها ارض طيبة عذبة جيدة { وجنات من أعناب } من كروم { وزروع } حرث { ونخيل صنوان } مجتمع أصولها في أصل واحد عشرة أو أقل أو أكثر { وغير صنوان } مفترق أصولها واحدة واحدة { يسقى بماء واحد } بماء المطر أو بماء النهر { ونفضل بعضها على بعض في الأكل } في الحمل والطعم { إن في ذلك } في اختلافها وألوانها { لآيات } لعلامات { لقوم يعقلون } يصدقون أنها من الله < < الرعد : ( 5 ) وإن تعجب فعجب . . . . . > > { وإن تعجب } من تكذيبهم إياك { فعجب قولهم } فقولهم أعجب حيث قالوا { أئذا كنا } صرنا { ترابا } رميما { أئنا لفي خلق جديد } يجدد بعد الموت وفنا الروح { أولئك } أهل إنكار البعث { الذين كفروا } هم الذين كفروا { بربهم وأولئك } أهل الكفر { الأغلال في أعناقهم } والسلاسل في إيمانهم مشدودة إلى أعناقهم { وأولئك } أهل الأغلال والسلاسل { أصحاب النار } أهل النار { هم فيها خالدون } مقيمون لا يموتون ولا يخرجون منها أبدا < < الرعد : ( 6 ) ويستعجلونك بالسيئة قبل . . . . . > > { ويستعجلونك } يا محمد { بالسيئة } بالعذاب استهزاء { قبل الحسنة } قبل العافية لا يسألونك العافية { وقد خلت } مضت { من قبلهم المثلات } العقوبات فيمن هلك { وإن ربك لذو مغفرة } تجاوز { للناس } لأهل مكة { على ظلمهم } على شركهم إن تابوا وآمنوا { وإن ربك لشديد العقاب } لمن مات على الشرك
< < الرعد : ( 7 ) ويقول الذين كفروا . . . . . > > { ويقول الذين كفروا } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { لولا أنزل عليه } هلا أنزل عليه { آية } علامة { من ربه } لنبوته كما أنزل على رسله الأولين { إنما أنت } يا محمد { منذر } رسول مخوف { ولكل قوم هاد } نبي ويقال داع يدعوهم من الضلالة إلى الهدى < < الرعد : ( 8 ) الله يعلم ما . . . . . > > { الله يعلم ما تحمل كل أنثى } كل حامل ذكر هو أو أنثى { وما تغيض } وما تنقص { الأرحام } في الحمل من التسعة { وما تزداد } على التسعة في الحمل { وكل شيء } من الزيادة والنقصان وخروج الولد والمكث { عنده بمقدار > { < الرعد : ( 9 ) عالم الغيب والشهادة . . . . . > > { عالم الغيب } ما غاب عن العباد { والشهادة } ما علمه العباد ويقال الغيب ما يكون والشهادة ما كان ويقال الغيب هو الولد في الأرحام والشهادة هو الذي خرج من الأرحام { الكبير } ليس شيء أكبر منه { المتعال } ليس شيء أعلى منه < < الرعد : ( 10 ) سواء منكم من . . . . . > > { سواء منكم } عند الله بالعلم { من أسر القول } والفعل { ومن جهر به } من أعلن بالقول والفعل يعلم الله ذلك منه { ومن هو مستخف بالليل } مستتر { وسارب } ظاهر { بالنهار } بقول أو عمل يعلم الله ذلك منه < < الرعد : ( 11 ) له معقبات من . . . . . > > { له معقبات } أيضا ملائكة يعقب بعضهم بعضا يعقب ملائكة الليل ملائكة النهار وملائكة النهار ملائكة الليل { من بين يديه ومن خلفه يحفظونه } مقدم ومؤخر { من أمر الله } بأمر الله ويدفعونه إلى المقادير { إن الله لا يغير ما بقوم } من أمن ونعمة { حتى يغيروا ما بأنفسهم } بترك الشكر { وإذا أراد الله بقوم سوءا } عذابا وهلاكا { فلا مرد له } لقضاء الله فيهم { وما لهم } لمن أراد الله هلاكهم { من دونه } من دون الله { من وال } من مانع من عذاب الله ويقال من ملجأ يلجئون إليه < < الرعد : ( 12 ) هو الذي يريكم . . . . . > > { هو الذي يريكم البرق } المطر { خوفا } للمسافر بالمطر أن تبتل ثيابه { وطمعا } للمقيم أن يسقى حرثه { وينشئ } يخلق ويرفع { السحاب الثقال } بالمطر < < الرعد : ( 13 ) ويسبح الرعد بحمده . . . . . > > { ويسبح الرعد بحمده } بأمره وهو ملك ويقال صوت السماء { والملائكة } وتسبح الملائكة { من خيفته } وهم خائفون من الله { ويرسل الصواعق } يعني النار { فيصيب بها من يشاء } فيهلك بالنار من يشاء يعني زيد بن قيس أهلكه الله بالنار وأهلك صاحبه عامر ابن الطفيل بطعنة في خاصرته { وهم يجادلون } يخاصمون { في الله } في دين الله مع محمد صلى الله عليه وسلم { وهو شديد المحال } شديد العقاب < < الرعد : ( 14 ) له دعوة الحق . . . . . > > { له دعوة الحق } دين الحق شهادة أن لا إله إلا الله وهي كلمة الإخلاص { والذين يدعون } يعبدون { من دونه } من دون الله { لا يستجيبون لهم بشيء } ينفع إن دعوهم { إلا كباسط كفيه } إلا كماد يديه { إلى الماء } من بعد { ليبلغ فاه } لكي يبلغ الماء إلى فيه { وما هو ببالغه } بتلك الحال الماء إلى فيه أبدا يقول كما لا يبلغ الماء فاه هذا الرجل كذلك لا تنفع الأصنام من عبدها { وما دعاء الكافرين } عبادة الكافرين { إلا في ضلال } في باطل يضل عنهم < < الرعد : ( 15 ) ولله يسجد من . . . . . > > { ولله يسجد } يصلي ويعبد { من في السماوات } من الملائكة { والأرض } من المؤمنين { طوعا } أهل السماء لأن عبادتهم بغير مشقة { وكرها } أهل الأرض لأن عبادتهم بالمشقة ويقال طوعا لأهل الإخلاص وكرها لأهل النفاق ويقال طوعا لمن ولد في الإسلام وكرها لمن أدخل في الإسلام جبرا { وظلالهم } ظلال من يسجد لله أيضا تسجد { بالغدو والآصال } غدوة وعشية غدوة عن أيمانهم وعشية عن شمائلهم < < الرعد : ( 16 ) قل من رب . . . . . > > { قل } يا محمد لأهل مكة { من رب } من خالق { السماوات والأرض } فإن أجابوك وقالوا الله وإلا { قل الله } خالقهما { قل } يا محمد { أفاتخذتم } عبدتم { من دونه } من دون الله { أولياء } أربابا من الآلهة { لا يملكون لأنفسهم نفعا }
) جر النفع { ولا ضرا } دافع الضر { قل } لهم يا محمد { هل يستوي الأعمى والبصير } الكافر والمؤمن { أم هل تستوي الظلمات والنور } يعني الكفر والإيمان { أم جعلوا لله } وصفوا لله { شركاء } من الآلهة { خلقوا } خلقا { كخلقه } كخلق الله { فتشابه الخلق } فتشابه كل الخلق { عليهم } فلا يدرون خلق الله من خلق آلهتهم { قل } يا محمد { الله خالق كل شيء } بائن منه لا الآلهة لا إله إلا هو { وهو الواحد القهار } الغالب على خلقه < < الرعد : ( 17 ) أنزل من السماء . . . . . > > ثم ضرب مثل الحق والباطل فقال { أنزل من السماء ماء } يقول أنزل جبريل بالقرآن وبين فيه الحق والباطل { فسالت أودية بقدرها } فاحتملت القلوب المنورة الحق بقدر سعتها ونورها { فاحتمل السيل } القلوب المظلمة { زبدا رابيا } باطلا كثيرا بهواها { ومما يوقدون عليه في النار } وهذا مثل آخر يقول ومما تطرحون في النار من الذهب والفضة فيه حيث مثل زبد البحر الملح { ابتغاء } طلب { حلية } تلبسونها يقول مثل الحق مثل الذهب والفضة ينتفع بهما كذلك الحق ينتفع به صاحبه ومثل الباطل مثل خبث الذهب والفضة لا ينتفع به كذلك لا ينتفع بالباطل صاحبه { أو متاع } أو حديد أو نحاس { زبد مثله } يقول يكون له خبث مثله مثل زبد الماء وهذا مثل آخر يقول مثل الحق كمثل الحديد والنحاس ينتفع بهما فكذلك الحق ينتفع به صاحبه ومثل الباطل كمثل خبث الحديد والنحاس لا ينتفع به كما لا ينتفع بخبث الحديد والنحاس { كذلك يضرب الله } يبين الله الحق والباطل { فأما الزبد فيذهب جفاء } يقول يذهب كما جاء لا ينتفع به فكذلك الباطل لا ينتفع به { وأما ما ينفع الناس } وهو الماء الصافي والذهب والفضة والحديد والنحاس { فيمكث في الأرض } ينتفع به فكذلك الحق ينتفع به { كذلك يضرب الله الأمثال } يبين الله أمثال الحق والباطل < < الرعد : ( 18 ) للذين استجابوا لربهم . . . . . > > { للذين استجابوا لربهم } بالتوحيد في الدنيا { الحسنى } لهم الجنة في الآخرة { والذين لم يستجيبوا له } لربهم بالتوحيد { لو أن لهم ما في الأرض } من الذهب والفضة { جميعا ومثله معه } ضعفه معه { لافتدوا به } لفادوا به أنفسهم { أولئك لهم سوء الحساب } شدة العذاب { ومأواهم } مصيرهم { جهنم وبئس المهاد } الفراش والمصير < < الرعد : ( 19 ) أفمن يعلم أنما . . . . . > > { أفمن يعلم } يصدق { أنما أنزل إليك من ربك } يعني القرآن { الحق } هو الحق { كمن هو أعمى } كافر { إنما يتذكر } يتعظ بما أنزل إليك من القرآن { أولوا الألباب } ذوو العقول من الناس < < الرعد : ( 20 ) الذين يوفون بعهد . . . . . > > { الذين يوفون بعهد الله } يتمون فرائض الله { ولا ينقضون الميثاق } لا يتركون فرائض الله < < الرعد : ( 21 ) والذين يصلون ما . . . . . > > { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } من الأرحام ويقال من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { ويخشون ربهم } يعملون لربهم { ويخافون سوء الحساب } شدة العذاب < < الرعد : ( 22 ) والذين صبروا ابتغاء . . . . . > > { والذين صبروا } على أمر الله والمرازي { ابتغاء وجه ربهم } طلب رضا ربهم { وأقاموا الصلاة } أتموا الصلوات الخمس { وأنفقوا من ما رزقناهم } تصدقوا مما أعطيناهم { سرا } فيما بينهم وبين الله { وعلانية } فيما بينهم وبين الناس { ويدرؤون بالحسنة السيئة } يدفعون بالكلام الحسن الكلام السيء إذا أورد عليهم { أولئك } أهل هذه الصفة من قوله إنما يتذكر إلى ههنا { لهم عقبى الدار } يعني الجنة < < الرعد : ( 23 ) جنات عدن يدخلونها . . . . . > > ثم بين أي الجنات لهم فقال { جنات عدن } وهي مقصورة الرحمن وهي معدن الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين
{ يدخلونها ومن صلح } من وحد { من آبائهم } يدخلونها أيضا { وأزواجهم } من وحد من أزواجهم يدخلونها أيضا { وذرياتهم } من وحد من ذرياتهم يدخلون أيضا جنات عدن { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } يقال لكل واحد منهم خيمة من در مجوفة لها أربعة آلاف باب لكل باب مصراع يدخل عليهم من كل باب ملك